بسم الله الرحمن الرحيم
أختاه الغاليّة إن الله لمّا خلق الخق وشرع الشرع جعل لكٌل جنس وظيفة تناطُ به " فإعلمي هداكِ الله – أنه هناك فوارق بين الرجل والمرأة ، بالجسد والشرع والأمور المعنويّة ، ثابتةً قدراً وشرعاً ، حسّاً وعقلاً .
وبين الله تعالى أن تلك الفوارق ليست بالإعتقاد والتشريع ، ولكنها في صفة الخِلْقَة والهيْئة والتكوين ، ففي الذكورة كمالٌ خُلُقيّ ، وقوة طبيعية ، والأنثى أنقص منه خِلقةً وجِبلَّةً وطبيعة ، لما يعتريها من الحيض والحمل ، والمخاض ، والإرضاع وشؤون الرضيع ، وتربية رجل الأمة المقبل ... وكان من آثار هذا الأختلاف في الخِلقة : الإختلاف بينهما في القوى والقُدرات الجسدية ، والعقليّة ، والفكر ية والعاطفيّة ، والإداريّة ، وفي العمل والأداء ، والكفاية في ذلك ، إضافة الى ما توصل إليه علماء الطب الحديث من عجائب الآثار من تفاوت الخلق بين الجنسين .
لذا ، وجب الإيمان والتسليم بالفوارق بين الرجال والنساء : الحسيّة والمعنوية ، والشرعية وليرضى كلٌّ بما كتب الله له قدراً وشرعاً ، وأن هذه الفوارق هي عين العدل ، وفيها أنتظام حياة المجتمع الإنساني .
فلا يجوز لمسلم ولا مسلمة أن يتمنى ما خصّ الله به الآخر من الفوارق المذكورة لما في ذلك من السخط على قدر الله ، وعدم الرضا بحكمِهِ وشرعِهِ ، وليسأل العبد ربّه من فضلِهِ ، وهذا أدب شرعيّ يزيل الحسد ، ويهذب النفس المؤمنة ، ويروضها على الرضا بما قدر الله وقضى .
ولهذا ، قال تعالى ، ناهياً عن ذلك ( ولا تتمنوا ما فضّل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليماً )[2] وسبب نزول هذه الآية ما رواه مجاهد قال : قالت أم سلمة : أي رسول الله أيغزو الرجال ولا نغزوا ، وإنما لنا نصف الميراث ؟ فنزلت " ولا تتمنوا ما فضل الله ... "[3] إذا كان هذا النهي – بنص القرآن – عن مجرد التمني ، فكيف بمن ينكر الفوارق الشرعية بين الرجل والمرأة ، وينادي بإلغائها ، ويطالب بالمساواة ، ويدعو اليها باسم " المساواة بين الرجل والمرأة " فهذه بلا شك نظرية إلحاديّة ، لما فيها من منازعة لإرادة الله الكونيّة القدريّة في الفوارق الخَلْقية والمعنوية بينهما ، ومنابزة للإسلام في نصوصه الشرعية القاطعة بين الذكر والأنثى ...
ولو حصلت المساواة في جميع الأحكام مع الإختلاف في الخِلْقة والكفاية ، لكان هذا انعكاساً في الفطرة ، ولكان هذا يعد عين الظلم للفاضل والمفضول ، بل ظلم لحياة المجتمع الإنساني ، لما يلحقه من حرمان ثمرة قدرات الفاضل ،والإثقال على المفضول فوق قدرته ، وحاشا أن يقع مثقال خردلةٍ من ذلك في شريعة أحكم الحاكمين ، ولهذا كانت المرأة في ظل هذه الأحكام الغراء مكفولة في أمومتها وتدبير منزلها ، وتربية الأجيال للأمة "