الزواج ودلع البنات، وتعنّت الأمّهات !
ظاهرة غريبة بدأت تطفو على السطح في الآونة الأخيرة !. يتقدّم الشاب لخطبة الفتاة .. يراها وتراه الرؤية الشرعيّة .. توافق عليه ويوافق عليها.. تتمّ المِلكة ( العقد الشرعيّ ) .. تكلّمه ويكلّمها.. ويتمّ توزيع بطاقات الدعوة ..
ثمّ في اللحظات الأخيرة تقول الفتاة : لا أريده ..! يسألها أهلها عن السبب ، ولماذا في هذا الوقت بالذات بعد أن تمّت الدعوات، ووزّعت البطاقات، فلا تبدي سبباً مقنعاً ..
لقد تأمّلت هذه الظاهرة ، فظهر لي أنّ من أسبابها ما يلي :
- ضعف شخصية الفتاة ، وعدم تحمّلها للمسؤولية ، فهي لا تتخيّل أنّها يوماً ما ستفارق أهلها، وتكون ربّة بيت ، وزوجاً، وأمّاً ، فإذا اقتربت ساعة الصفر؛ لا تجد مخرجاً لها من هذا المأزق في نظرها إلا الرفض.
- التردد الناتج عن ضعف التوكّل على الله عزّ وجلّ ، وعلى الرغم من أنّ أكثر الفتيات يصلّين صلاة الاستخارة، إلا أنّ أغلبهنّ لا يفقهن المعنى الحقيقيّ لهذه الصلاة العظيمة ..
فإنّ معناها الحقيقيّ هو تفويض الأمر كلّه لله وحده سبحانه ، دون تردّد ، ودون نظر لأيّ أمر آخر، من راحة نفس وانشراح صدر ونحو ذلك : ( وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) .
- الخوف من المستقبل ، فربّما ارتسم في ذهن بعض الفتيات صوراً مؤلمة من زيجات فاشلات، وزوجات مكلومات مظلومات، من أخوات أو عمّات أو خالات، أو حتّى أمهات، فلذلك أثره النفسي السيئ على بعض الفتيات، مع أنّ الرجال ليسوا كلّهم سواء.
- طول الفترة ما بين الخطبه والدُخلة، مع كثرة المكالمات وطولها بين الطرفين، ودلع البنات، فربّما اختلفا على شيء تافه، كشكل العباءة أو وضعها ونحو ذلك، فترفض الفتاة إتمام الزواج من أجل هذا السبب التافه.
- إخفاء بعض العيوب من قبل الزوج أو أهله، فتكتشف الفتاة ذلك بعد المِلكة. والواجب على الطرفين أن يصدقا، ويبيّنا ما فيهما من العيوب قبل عقد النكاح.
- الشكّ من قبل الفتاة في نفسها وعذريتها، بسبب خطأ ارتكبته، إمّا بعبث شيطاني بينها وبين نفسها، أو بعلاقة آثمة محرّمة مع ذئب أغبر، فإذا اقتربت ساعة الصفر، خشيت على نفسها الفضيحة ..
وهذه من الثمار الخبيثة للدعوات الآثمة للتحرّر المزعوم . لكن إذا كانت الفتاة قد تابت توبة نصوحاً، وصدقت مع الله عزّ وجلّ ، جعل الله لها فرجاً ومخرجاً، وأنجاها من هذا المأزق الحرِج ، أمّا الرفض فليس هو الحلّ.
- إجبار الفتاة على من لا تريد ، وقد نهى الشارع الحكيم عن ذلك ، وردّ نكاح من زُوّجت بغير إذنها، بكراً كانت أو ثيّباً.
أمّا تعنّت الأمّهات فتلك قضيّة أخرى، فقد تكون الفتاة مرغوبة ومطلوبة ، فيتقدّم لها الخُطّاب أسراباً، فترفضهم الأمّ تعنّتاً، فهذا طويل، وذاك قصير، والثالث بدين، والرابع بدويّ، والخامس قرويّ، والسادس أمّه أجنبيّة، والسابع اسم عائلته قبيح، والثامن فقير، وهلمّ جرّاً ..
حتى تشرف البنت على العنوسة، فإمّا أن تبقى بدون زواج، وإمّا أن يقبلوا بأيّ رجل يتقدّم لها ممّا لا تتوافر فيه الشروط المطلوبة، والنتيجة ظلم هذه الفتاة المسكينة.
وما بين دلع البنات، وتعنّت الأمّهات، تفشل الزيجات، ويكثر العوانس والمطلّقات، وتنتشر الرذائل والموبقات، فهل من مدّكر؟
__________________