هذا امتحان بدون درجات، لن يحصل الخاسر على كحكة حمراء فى شهادته، ولن يفوز الرابح بشهادة تقدير من السيد الفاضل ناظر المدرسة.
امتحان جمعة 8 يوليو من النوع الفرايحى، لا تجهد نفسك فى جمع درجات ولا فى تدبيس ورقة الغشاش فى ورقته، الامتحانات السابقة فى 25 و28 يناير وما تلاها نجحنا فيها بجدارة، وامتحان جمعة 8 يوليو امتحان مستوى رفيع، لأننا ضمنا النجاح بتفوق ولكننا فقط نبحث عن تحسين المجموع من أجل مستقبل أفضل.
لا نريد منك هتافات فى الشوارع، ولا تجهيزات لمعارك جديدة، ولا غضب وشتائم.. أنت فى هذه المرة منتصر قبل أن تنزل إلى الميدان، والمنتصر يتباهى بنصره ويجعل من التباهى رسالة تحذير لأى نفس قد تطمع فى عودة سيرتها الأولى إلى حيث أزمان القمع والقهر.
ارضى ضميرك وانزل إلى الميدان.
انزل لأن دماء الشهداء أغلى من الـ100 ألف جنيه وصناديق المعاشات التى تراوغ بها الحكومة والمجلس العسكرى أهالى الشهداء والمصابين.
انزل لأن من يماطلون فى حق الشهداء لا يستحقون سوى المزيد من الرعب نلقيه فى قلوبهم.
انزل إلى الميدان لأن ثورة 25 يناير فى غرفة الإنعاش وتحتاج منك لزيارة ومؤازرة ودفعة معنوية، انزل يوم 8 يوليو لأن حكومة الثورة لم تكن طوال الأيام الماضية حكومة ثورة، ولأنها تستخدم الفقراء والغلابة والمطحونين «شماعة» تعلق عليها فشلها فى السيطرة على الوضع الأمنى والاقتصادى.
انزل إلى الشوارع فى جمعة 8 يوليو لأن الثورات تشتعل لتمنح البشر حق التظاهر وحرية الهتاف والتعبير، وليس إجبارهم على الجلوس فى المنزل بحجة مصلحة الوطن.
انزل إلى الميدان لأننا افتقدنا تلك الصورة المليونية التى تهز الوجدان وتأتى بالدموع حتى باب العيون من شدة خفقان القلب.
انزل إلى الميدان لأنه الأرض الوحيدة التى تجمع اليسارى بالإسلامى بالليبرالى بالإخوانى بالمسلم بالمسيحى، والفقير بالغنى، والمحجبة والمنتقبة والسارح شعرها مع هواء الكون..دون أن تسمع شكوى أو تجد مكانا للملل.
انزل إلى الميدان حتى لا يقول تيار ما: إن الفضل فى جمع الناس وحشدهم عائد إليه، انزل لأن الثورة لا تتوقف وعجلتها تدور جنبا إلى جنب مع عجلة الإنتاج دون أن تصيب أحدهما الأخرى بعطل ما.
انزل إلى الميدان حتى يعود العالم لينشر صور الرؤوس المتراصة فى جمال مبهر بدلا من صور الفتنة وأعمال البلطجة.
انزل إلى الميدان وارفع يديك عقب صلاتك وخاطب ربك، وحتى لو لم تكن تصلى ارفع يديك وخاطب ربك فهو لا يرد السائلين، وبينك وبينه قل ما تشاء ادعوه ليقضى على ذيل أفعى النظام التى مازالت تلعب، اطلب من السماء أن تستضيف من تشاء أنت ممن تركوا الجبل وهرولوا لجمع غنائم الثورة وسعوا لركب موجتها دون حق، أطلب الرحمة وسعة الرزق ورفع الغضب عن كاهل تلك الأمة التى أثقلتها هموم الأسعار والفساد وقلة الإخلاص، جدد نيتك وعزيمتك.. ثم انتظر حتى يأتى وقت يصبح الانقضاض فيه على كل الظالمين مسموحا.. وتوكل!
الكاتب: محمد الدسوقى رشدى