* قال تعالى : (( وَاتَقُوا اللهَ الَّذي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُم رَقِيباً )) [ النساء : 1 ] .
* وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليَصِل رَحِمَه ) [ متفق عليه ] .
من هم الأرحام ؟
* سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز : من هم الأرحام وذوو القربى حيث يقول البعض إن أقارب الزوجة ليسوا من الأرحام ؟
فأجاب سماحته : الأرحام هم الأقارب من النسب من جهة أمك وأبيك ، وهم المعنيون بقول الله سبحانه وتعالى في سورة الأنفال والأحزاب : (( وَأُولُوا الأَرحَامِ بَعْضُهُمْ أولَى ببَعْضٍ في كِتَابِ الله )) [ الأنفال : 75 ] وأقربهم الآباء والأمهات والأجداد والأولاد وأولادهم ما تناسلوا ، ثم الأقرب فالأقرب من الإخوة وأولادهم ، والأعمام والعمات وأولادهم ، والأخوال والخالات وأولادهم ، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما سأله سائل قائلاً : من أبر يا رسول الله ؟ قال : ( أمك ) قال ثم من ؟ قال : ( أمك ) قال ثم من ؟ قال : ( أمك ) قال ثم من ؟ قال : ( أباك ، ثم الأقرب فالأقرب ) [ خرجه الإمام مسلم في صحيحه ] والأحاديث في ذلك كثيرة .
* أما أقارب الزوجة فليسوا أرحاماً لزوجها إذا لم يكونوا من قرابته ، ولكنهم أرحام لأولاده منها . وبالله التوفيق . [ فتاوى إسلامية ] .
بأي شيء أصل أرحامي ؟
* صلح الرحم تكون بأمور متعددة ، فتكون بزيارتهم ، والإهداء إليهم ، والسؤال عنهم ، وتفقد أحوالهم ، والتصدق على فقيرهم ، والتلطف مع غنيهم ، واحترام كبيرهم ، وتكون كذلك باستضافتهم وحسن استقبالهم ، ومشاركتهم في أفراحهم ، ومواساتهم في أحزانهم ، كما تكون بالدعاء لهم ، وسلامة الصدر نحوهم ، وإجابة دعوتهم ، وعيادة مرضاهم ، كما تكون بدعوتهم إلى الهدى ، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، يقول ابن أبي حمزة : تكون صلة الرحم بالمال ، وبالعون على الحاجة ، وبدفع الضرر ، وبطلاقة الوجه ، وبالدعاء .
* وقال النووي : صلة الرحم هي الإحسان إلى الأقارب على حسب الواصل والموصول ؛ فتارة تكون بالمال ، وتارة تكون بالخدمة ، وتارة بالزيارة والسلام وغير ذلك .
صلة الرحم واجبة وإن قطعوك
* عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال : يا رسول الله ، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني ، وأحسن إليهم ويسيئون إلي ، وأحلم عليهم ويجهلون علي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن كنت كما قلت فكأنما تُسفُّهم الملل ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك ) [ رواه مسلم ] .
ثمرات صلة الرحم
صلة الرحم سبب لمغفرة الذنوب
* عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال : إني أذنبت ذنباً عظيماً ، فهل لي من توبة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( هل لك من أم ؟ ) قال : لا . قال : ( فهل لك من خالة ؟ ) قال : نعم . قال : ( فبرها ) [ رواه الترمذي والحاكم ] .
صلة الرحم سبب لزيادة الرزق وطول العمر
* عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من سرّه أن يُمَد له في عمره ، ويوسع له في رزقه ، ويدفع عنه ميتة السوء ، فليتق الله ، وليصل رَحِمَه ) [ رواه الحاكم والبزار بسند جيد ] .
* وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره ‘ فليصل رحمه ) [ رواه البخاري ومسلم ] .
صلة الرحم من أحب الأعمال إلى الله تعالى
* عن رجل من خثعم قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في نفر من أصحابه فقلت : أنت تزعم أنك رسول الله ؟ قال : ( نعم ) . قال : قلت يا رسول الله ، أي الأعمال أحب إلى الله ؟ قال : ( الإيمان بالله ) . قال : قلت يا رسول الله ، ثم مه ؟ قال : ( ثم صلة الرحم ... ) قال : قلت يا رسول الله ، أي الأعمال أبغض إلى الله ؟ قال : ( الإشراك بالله ) . قال : قلت يا رسول الله : ثم مه ؟ قال : ( ثم قطيعة الرحم ... الحديث ) [ رواه أبو يعلي بسند جيد ] .
صلة الأرحام سبب لدخول الجنة والنجاة من النار
* عن أبي أيوب رضي الله عنه أن أعرابياً عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في سفر ، فأخذ بحطام ناقته أو بزمامها ثم قال : يا رسول الله - أو يا محمد - أخبرني بما يقربني من الجنة ويباعدني من النار ؟ قال : فكف النبي صلى الله عليه وسلم ثم نظر في أصحابه ، ثم قال : ( لقد وفق أو لقد هدي ) قال : كيف قلت ؟ قال : فأعادها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تعبد الله ولا تشرك به شيئاً ، وتقم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصل الرحم ، دعِ الناقة ) وفي رواية : ( وتصل ذا رحمك ) فلما أدبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن تمسك بما أمرته به دخل الجنة ) [ رواه البخاري ] .
صلة الرحم ليست من باب المكافأة
* من الناس من يصل أقاربه إن وصلوه ، ويقطعهم إن قطعوه ، وهذا في الحقيقة ليس بواصل ، وإنما هو مكافئ للمعروف بمثله ، وهو حاصل للقريب وغيره ، فإن المكافأة لاتختص بالقريب وحده . والواصل حقيقة هو الذي يصل قرابته لله سواء وصلوه أم قطعوه ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : ( ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها ) [ رواه البخاري ومسلم ] .
عقوبة قاطع الرحم
قاطع الرحم لا يدخل الجنة
* عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يدخل الجنة قاطع ) قال سفيان : يعني قاطع رحم . [ رواه البخاري ومسلم ] .
* وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لا يدخلون الجنة : مدمن الخمر ، وقاطع الرحم ، ومصدق بالسحر ) [ رواه أحمد وابن حبان ] .
قاطع الرحم لا يقبل عمله
* عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة ، فلا يقبل عمل قاطع رحم ) [ رواه أحمد ] .
منع الزوجة من صلة رحمها
* سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان : هل يجوز للزوج أن يمنع الزوجة من صلة رحمها ، وخصوصاً الوالدة والوالد ؟
فأجاب فضيلته : صلة الرحم واجبة ، ولا يجوز للزوج أن يمنع زوجته منها ؛ لأن قطيعة الرحم من كبائر الذنوب ، ولا يجوز للزوجة أن تطيعه في ذلك ؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، بل تصل رحمها من مالها الخاص ، وتراسله وتزوره ؛ إلا إذا ترتب على الزيارة مفسدة في حق الزوج ؛ بأن يخشى أن قريبها يفسدها عليه ؛ فله أن يمنعها من زيارته ، لكن تصله بغير الزيارة مما لا مفسدة فيه . والله أعلم . [ المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان ] .
الواجب مقاطعة هذه المجالس
* سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين : في مجالسنا التي تجمع الأسرة غيبة ودخان ولعب بالورق ومشاهدة مسلسلات ، وأنا لا أستطيع الإنكار عليهم خوفاً من تماديهم ووقوعهم في أعراض الدعاة والعلماء كعادتهم في بعض المجالس . فهل أترك مجالستهم وأقاطعهم أم ماذا أفعل ؟
فأجاب فضيلته : الواجب عليك إذا كنت لا تستطيع تغيير المنكر الذي وقع فيه هؤلاء أن تقاطع مجالستهم ؛ لأن من جالس فاعل المنكر كان له مثل إثمه ؛ لقول الله تبارك وتعالى : (( وَقَدَ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ في الْكِتَابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَر بِهَا وَيُستَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُم حَتى يَخُوضُوا فَىِ حَدِيثٍ غَيرِهِ إنَّكُمْ إذاً مّثْلُهُم )) [ النساء : 140 ] . ولا يضر أنهم قاطعوك وقطعوا الصلة بينك وبينهم في المستقبل بناء على مقاطعة مجالسهم التي تشتمل على المنكر ، وإذا قاطعوك وقطعوا صلتك في هذه الحال فصلهم بما تستطيع ، ويكون عليهم إثم القطيعة ولك أجر الصلة . [ فتاوى إسلامية ] .
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
* سئل الشيخ ابن عثيمين : نويت الذهاب إلى مكة لأداء العمرة ، ولكن قيل لي عند الذهاب إلى مكة لا بد من زيارة أقاربي حتى لا يقطع الرحم ، فرفضت الذهاب للعمرة ابتغاء لوجه الله عز وجل حتى لا أقابل أخا زوجي الذي أضطر إلى مقابلته بواسطة أقاربي ، وأضطر كذلك إلى كشف وجهي أمامه ، فهل هذا صحيح أم لا ؟ وبماذا تنصحونني ؟
فأجاب فضيلته : قال الله تبارك وتعالى : (( يَا أَيُهَا الَّذيِنَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأطِيعُوا الَّرسُولَ وَأُوْلي الأمْرِ مِنكُمْ )) [ النساء : 59 ] .
فجعل طاعة أولياء الأمور تابعة لطاعة الله ورسوله ، فإذا تعارضت طاعة الله ورسوله مع طاعة أولي الأمر فالمقدم طاعة الله ورسوله . ولهذا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ؛ ولا يحل لك كشف الوجه أمام أخي زوجك وأنت تعلمين أنه حرام ، فالواجب عليك ستره حتى لو أدى إلى قطيعة بينك وبين أقاربك ؛ لأنهم هم الذين قطعوا ، وهم ليس لهم طاعة في معصية الله عز وجل ، فعليك أن تؤدي ما أوجب عليك ، واعلمي أنك منصورة عليهم إذا قطعوك من أجل إقامتك لحدود الله عز وجل ، والواجب عليهم أن يقولوا في أحكام الله سمعنا وأطعنا ، وألا يغلبوا العادات على شريعة الله ؛ لأن الشريعة هي الحاكمة وليست محكوماً عليها ، والعادات محكوم عليها وليست حاكمة .
* وليعلم أن من أخطر الأشياء على المرأة أقارب الزوج ، فقد يكونون أخطر عليها من الأجانب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين نهى عن الدخول على النساء وحذر منه فقال : ( إياكم والدخول على النساء ) قالوا : يا رسول الله ! أرأيت الحمو ؟ قال : ( الحمو الموت ) يعني أنه هو الشر الذي يجب الفرار منه - أي من الخلوة به - وكذلك لأن " الحمو " وهو قريب الزوج يدخل على بيت قريبه دون أن ينكر عليه أحد لكونه قريباً ، ويدخل وهو يعتقد أن البيت بيته ولا يبالي ، فيجري الشيطان منه مجرى الدم ، ويوسوس له في الفتنة حتى تحصل الفتنة ، وكم من قتيل للشيطان في هذه المسألة . لهذا يجب الحذر وغاية الحذر من التعرض للفتنة في أقارب الزوج .
* وخلاصة الجواب : أنه يجب على المرأة السائلة أن تغطي وجهها عن أخي زوجها ولو أدى ذلك إلى غضبهم وإلى هجرهم ، لكن هي عليها أن تقوم بالواجب من صلة الرحم ، وإذا قصروا فالإثم عليهم .
* قال الشاعر :
وكن واصل الأرحام حتى لكاشحٍ ** توفر في عمرٍ ورزق وتسعدِ
ولا تقطع الأرحام إن قطيعةً ** لذي رحم كبرى من الله تبعد
ذكِّرهم بحق القرابة
* سئل فضيلة الشيخ ابن جبرين : حينما كنت عند أخي الكبير مع إخوتي جلسنا نتذكر بعض المواضيع ، وفجأة حصل خلاف بسبب موضوع عن تربية الأطفال ، ثم قال لي أخي الكبير : اخرج من بيتي ، ثم بعد ذلك قام وضربني ، وقام إخوتي كذلك لمساعدته في ضربي . هل مقاطعتي لأخي الكبير وإخوتي بعد ضربي وإهانتي فيه إثم علي ؟ وإذا كان عليّ إثم فماذا أفعل وأنا حساس جداً ؟
فأجاب فضيلته : لابد أن يكون هناك أسباب حسية لهذا الضرب ؛ فيمكن أنك أسأت الأدب معهم أو عبتهم في تصرفهم أو أحفظتهم بشيء من الانتقاد مما نتج عنه أن ضربك الأكبر وأعانوه لعلمهم أنك تستحق الضرب . فإن كان الأمر كذلك فأرى أن ترجع إليهم معتذراً متنصلاً مما بدر منك ، مظهراً للأسف والندم فلعلهم أن يعذروك ويعودوا إلى مقتضى الأخوة ، ثم أرى حتى ولو كانوا خاطئين أن تراجعهم وتبدي عذرك ، وتقر بأنك أخطأت في حقهم ، طالباً منهم التغاضي عن الخطأ ، ذاكراً ما حملك على الكلام على وجه الاعتذار ، مذكراً لهم بحق القرابة وذوي الأرحام ، وأن من قطعها قطعه الله ، فلعل ذلك يكون له الأثر البليغ . والله الموفق . [ مجموع فتاوى الشيخ ابن جبرين ] .
لا تقطع الرحم مجاملة
* سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين : لي أختان متزوجتان من ابني عمهما ، وقد حدثت خلافات بيت الأسرتين أوجبت منع الزيارة ، وامتنع أخي عن زيارة أختيه وكذلك فعلت والدتي مجاملة له حتى لا يغضب منها ، فما الحكم ؟
فأجاب فضيلته : نعم عليهم في ذلك إثم ؛ لأن قطيعة الرحم محرمة وهي من كبائر الذنوب ، والمراد بالرحم القرابة ، وكلما قربت القرابة كانت صلتها أوجب وأوكد ، ولا يجوز أن تقطع رحمها مجاملة لأحد ، بل عليها أن تصل رحمها وأن تقوم بما أوجب الله عليها ، ثم إن رضي أحد بذلك فقد رضي بما أوجب الله وهو خير له ، وإن لم يرض فإنه لا عبرة بسخطه ، وصلة الرحم واجبة لا ينبغي أن تقطع مراعاة للناس أو محاباة لأحد . [ فتاوى إسلامية ] .
أنت السبب في هذه المقاطعة
* سئلت اللجنة الدائمة : لي عمات شقيقات والدي وعددهن ثلاث ، وقد أجمعن كلهن على مقاطعتي بسبب إرث مشترك بيننا أردن بيعه بدون إذن مني ؛ لكوني شريكاً لهن في ذلك الإرث ، ودون أن يعرف أحد منا حقه ، وفعلاً منعت المشتري وأرجعت له ماله الذي دفعه لهن ، وأنا لا أستفيد من ثمن هذه الأملاك ولا أنتفع بأي شيء منها ، وقد تركتها لهن وسافرت ، وأريد أن يعشن بما تنتجه المزارع ويسكنّ البيت على شرط ألا يتصرفن في شيء ، وأنا بعد أن قاطعنني عزلت نفسي عنهن وبقيت وحدي ، وأنا أخاف من قطع الرحم حيث أكون معرضاً لعقوبة قاطع الرحم ، فما الحكم ؟
فأجابت : منعك لعماتك أن يبعن حقهن من ميراثهن من أبيهن ظلم وعدوان منك ؛ فإن لكل واحدة منهن حق التصرف شرعاً فيما تملكه ، وليس لأحد أن يمنعها من ذلك ما دامت أهلاً للتصرف شرعاً ، وأما المقاطعة التي حصلت بينك وبينهن فأنت السبب فيها ، فعليك أن تستغفر الله وتتوب إليه من هذا الذنب العظيم ، وأن تستسمحهن وتزورهن ، فإن الله عز وجل أمر بصلة الرحم ، فقال تعالى : (( وَاتَّقُوا اللهَ الَّذي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرحَامَ )) [ النساء : 1 ]
وقوله تعالى : (( وَآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ )) [ الإسراء : 26 ] .
* وأجمع العلماء على أن صلة الرحم واجبة وأن قطيعتها محرمة ، وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ... ) الحديث . [ فتاوى إسلامية ] .
لا تمنعها من زيارة أختها
* سئل فضيلة الشيخ ابن جبرين : رجل تزوج من فتاة لها أخت تكرهه وتحقد عليه وحاولت ألا يتم زواجهما بشتى الصور ، ولكن قدر الله لهذا الزواج أن يتم ، وطلب الرجل من زوجته عدم الاتصال بأختها تجنباً منه للمشاكل والخلافات التي قد تثار بسببها ، لكن الزوجة أصرّت ألا تقطع علاقتها بأختها بحجة أنها لو فعلت ذلك لقطعت صلة الرحم ، وبهذا تكون قد خالفت الشرع والدين . علماً بأن الزوج يصرّ على هذه المقاطعة من قبل زوجته . أفيدونا ولكم خير الجزاء .
فأجاب فضيلته : على الرجل أولاً أن يصلح نيته وقصده وعمله ، فيحافظ على العبادات ويبتعد عن المحرمات ، ويجتنب ما يجلب له سوء السمعة وما يقدح به في عدالته ، وعليه ثانياً أن يحسن صحبة زوجته ويعاشرها بالمعروف ، ويجلب لها أسباب الراحة ومتطلبات الحياة الطيبة ، ويبتعد عن أسباب النزاع والشقاق وما يثير الغضب ويوقع في الأحقاد والضغائن والبغضاء . فمتى فعل ذلك فإن زوجته سترغب في صحبته وتحمد العاقبة وتجد الراحة في حياتها ، وسوف ترد بقوة على من يطعن فيه ويرميه بما يشينه ، ويقول فيه ما هو بريء منه إفكاً وبهتاناً ، سواء أختها أو غير أختها . فعلى هذا لا يمنعها من زيارة أختها ولا يخشى عليها إحداث فرقة أو بغضاء ، بل عليها أن تصل أقاربها ولا تهجرهم لما في القطيعة من الوعيد ، ولعلها تذهب ما في قلب أختها على الزوج من الشنآن والكراهية ، وتحثها على التوبة وحسن الظن ، وتذكر لها حسن خلقه وما يعاملها به من الأخلاق الشريفة والقيم الرفيعة . والله الموفق .